Loading
تخيل أنك جالس على متن قطار، تنظر من النافذة وترى قطارًا آخر
تخيل أنك جالس على متن قطار، تنظر من النافذة وترى قطارًا آخر يتحرك على مسار مجاور، هل توقف القطار الذي تركبه في أثناء حركة القطار الآخر، أم أنك تتحرك بينما القطار الآخر متوقف؟
قد تؤدي هذه التجربة الحسية (مشاهدة القطار) إلى إدراكين حسيّين مختلفين جدًا، ما يؤدي إلى الشعور بأنك تتحرك، أو بأنك ثابت والأشياء من حولك تتحرك.
يواجه دماغ الإنسان مثل هذه المداخلات الحسية الغامضة باستمرار، إذ تتبِع أدمغتنا نهجًا يُعرف بالاستدلال السببي، وذلك من أجل حل الغموض وإدراك المحيط بصورة صحيحة.
يُعد الاستدلال السببي مفتاحًا لسير عملية التعلم والاستنتاج واتخاذ القرارات. من ناحيةٍ أخرى، لا يملك الباحثون حاليًا سوى القليل من المعرفة عن الخلايا العصبية المشاركة في سير هذه العملية.
يتضمن الاستدلال السببي دارة معقدة من الخلايا العصبية، وآليات حسية أخرى غير مفهومة كليًا، إذ يقول دي أنجلس: «لأن الإدراك الحسي يعمل جيدًا في معظم الأوقات، فإننا نسلّم بمدى صعوبة المشكلة الحسابية».
في الواقع، إن الإشارات الحسية صاخبة وغير كاملة، إضافةً إلى وجود كثير من الأحداث المحتملة التي قد تحدث في المحيط ومن شأنها أن تنتج أنماطًا مماثلة من المداخلات الحسية.
فمثلًا، فيما يخص بقعة ضوئية تتحرك عبر شبكية العين، قد تكون المدخلات المرئية نفسها ناتجة عن مجموعة متنوعة من المواقف: فقد تنتج عن شيء يتحرك في المحيط، بينما يظل المشاهد ثابتًا، كأن يقف شخص ساكنًا عند النافذة ويراقب سيارة إسعاف متحركة بضوء وامض. قد يكون هذا الضوء ناتجًا عن مراقب متحرك يراقب جسمًا ثابتًا، أو عدّاء يميز عمود إنارة من مسافة معينة، أو قد ينتج عن الكثير من التركيبات المختلفة لحركة الجسم والحركة الذاتية والعمق.
يواجه الدماغ هنا مشكلة يصعب حلها، يجب أن يستنتج السبب الأكثر احتمالًا الذي تسبب في نمط الإشارات الحسية التي تلقاها. ويستطيع بعد ذلك استخلاص الاستنتاجات حول الموقف والتخطيط لأخذ الإجراءات المناسبة استجابةً لذلك.
بناءً على النتائج الأخيرة، واستخدام علم البيانات والتجارب المخبرية والنماذج المحوسبة والنظرية المعرفية، سيستمر دي أنجلس وهافنير وزملاؤهما في العمل لتحديد ماهية العصبونات المشاركة في سير العملية بدقة. هدفهم هو التعرّف على كيفية إحداث رؤية متسقة للواقع نتيجةً للتفاعلات بين أجزاء الدماغ التي تعالج المنبهات الحسية وأجزاء الدماغ التي تتخذ القرارات وتنظم الأفعال.
قد يساعد التعرف على كيفية استخدام الدماغ آلية الاستدلال السببي لفصل الحركة الذاتية عن حركة الأشياء في تصميم الذكاء الاصطناعي وأجهزة القيادة الذاتية.
يقول هافنير: «إن فهم كيفية استنتاج الدماغ للحركة الذاتية وحركة الأجسام، قد يزودنا بالإلهام لتحسين الخوارزميات الحالية لأجهزة القيادة الذاتية على الطائرات والسيارات ذاتية القيادة».
فيجب مثلًا أن تأخذ الدارات الكهربائية بالحسبان الحركة الذاتية للطائرة في الهواء مع تجنب حركة الطائرات من حولها.
قد يكون لهذه الدراسة تطبيقات مهمة أيضًا في تطوير علاجات الاضطرابات العصبية مثل التوحد والفصام، وهي حالات يُعتقد أن الاستدلال السببي فيها ضعيف.
يقول دي أنجلس: «في حين أن المشروع هو علم أساسي يركز على فهم الآليات الأساسية للاستدلال السببي، يجب أن تكون هذه المعرفة قابلة للتطبيق في النهاية لعلاج هذه الاضطرابات».
اقراء
الدوبامين وعلاقته بالأمراض النفسية
الكافيين والاكتئاب: تأثيرات سلبية وإيجابيه
كيف يؤثر تدخين الماريجوانا في الذكاء العاطفي؟
توجد فائدة كبيرة يُتغاضَى عنها عند الإصابة بعسر القراءة
لماذا حذر العلماء من أنه لا يجب أن يكون العقل البشري مستيقظًا بعد منتصف الليل؟
هل تستطيع ألعاب الواقع الافتراضي تحسين الصحة العقلية من خلال مكافحة القلق؟
لا يوجد تعليقات بعد
Loading
اترك تعليقاً